"تبيان".. أول مصحف بلغة الإشارة عالميًا يفوز بجائزة
الملك فيصل لخدمة الإسلام 2025
في إنجاز نوعي يجمع بين الإبداع التقني والرسالة
الإنسانية، فاز مشروع "مصحف تبيان" في المملكة العربية السعودية
– وهو إحدى مبادرات جمعية "لأجلهم" المعنية بخدمة الأشخاص ذوي الإعاقة –
بجائزة الملك فيصل في فرع خدمة الإسلام لعام 2025، تقديرًا لجهوده الرائدة
في تمكين ذوي الإعاقة من الوصول إلى القرآن الكريم بطرق مبتكرة وشاملة.
تقنيات متعددة لتيسير الوصول إلى القرآن الكريم
ويُعد "مصحف تبيان" الأول من نوعه
عالميًا، حيث صُمّم خصيصًا ليتناسب مع احتياجات جميع فئات ذوي الإعاقة: السمعية،
والبصرية، والحركية، والذهنية.
وقد وظف المشروع تقنيات متقدمة ووسائط متعددة تمكّن
المستخدم من القراءة والاستماع والتفاعل مع التفسير بلغة الإشارة، فضلًا عن
إمكانية التصفح الصوتي واللمسي، ما يجعله نقلة نوعية في خدمة كتاب الله لكافة فئات
المجتمع.
فكرة انطلقت من حاجة حقيقية وفجوة عالمية
بحسب مسؤولي المشروع، فقد جاءت فكرة "مصحف
تبيان" استجابة لحاجة الأشخاص الصم إلى فهم معاني القرآن الكريم،
لا مجرد قراءته.
وأشاروا إلى غياب تفسير شامل للقرآن بلغة الإشارة على
مستوى العالم، حيث إن الجهود الموجودة لا تتعدى شرح بعض الأحكام، مع تحدٍ إضافي
يتمثل في اختلاف لغة الإشارة من دولة إلى أخرى، مما زاد من صعوبة الوصول إلى تفسير
موحّد ومفهوم لفئة الصم.
التحول من الحرف إلى المعنى
يوضح المشرفون أن المحاولة الأولى تمثلت في تحويل الحروف
إلى إشارات، غير أن هذا الأسلوب لم يحقق الهدف المنشود، إذ إن الصم يستطيعون قراءة
الحروف، لكن التحدي الأكبر هو في فهم معاني الآيات.
ومن هنا جاءت الفكرة بتطوير تطبيق رقمي يقدم ترجمة بلغة
الإشارة لتفسير مبسط، يراعي الخصوصية اللغوية لهذه الفئة ويساعدهم على التفاعل مع
معاني القرآن الكريم بعمق.
تفسير خاص بلغة مبسطة وبشراكة علمية
ونظرًا لأن التفاسير التقليدية بلغة عربية عالية كانت
معقدة على فئة الصم، فقد بادر القائمون على المشروع إلى تأليف كتاب تفسير خاص بلغة
مبسطة تتوافق مع الذخيرة اللغوية المستخدمة لديهم.
وقد تم هذا العمل بالتعاون مع مركز تفسير القرآن وعلومه،
ليكون التفسير معتمدًا من جهة علمية موثوقة، وملائمًا للاستخدام في التطبيق.
تحديات إنسانية وإصرار على إتمام الرسالة
كما أنشئ استوديو خاص للتصوير والمونتاج، حيث بدأ تسجيل
تفسير الآيات بلغة الإشارة بمشاركة أحد المترجمين المتخصصين، الذي وافته المنية
قبل إتمام العمل.
ورغم هذا الفقد المؤلم، واصل الفريق مسيرته بإصرار حتى
إنجاز الجزء الثلاثين من التفسير.
منصة رائدة لخدمة القرآن وذوي الإعاقة
وقد تُوجت هذه الجهود المباركة بإطلاق تطبيق "تبيان"،
كأول منصة مرئية تقدم تفسيرًا بلغة الإشارة للقرآن الكريم، لتكون بذلك مشروعًا
رياديًا غير مسبوق يخدم فئة غالية ومهمة من أبناء المجتمع الإسلامي.
وبهذا الإنجاز المتميز، نال المشروع جائزة الملك فيصل
لخدمة الإسلام لعام 2025، تقديرًا لإسهامه التقني والإنساني في إيصال معاني
القرآن الكريم لفئة لطالما افتقرت إلى أدوات التفسير المناسبة، ومثالًا رائدًا على
تكامل التقنية مع العمل الخيري والدعوي.
(المصدر: مواقع إخبارية وإلكترونية)