انطلاق مؤتمر "فقه الميزان" في إسطنبول:
رؤية علمية لتوازن الأمة ونهضتها
انطلقت في مدينة إسطنبول التركية فعاليات المؤتمر
العلمي "فقه الميزان" تحت شعار: "نحو أمة أكثر توازناً
وازدهاراً"، بتنظيم مشترك بين الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وجامعة
السلطان محمد الفاتح الوقفية، ووقف علماء الإسلام، وبمشاركة نخبة من
العلماء والباحثين والأكاديميين من مختلف الدول العربية والإسلامية.
ويُعقد المؤتمر على مدار يومين (21 – 22
يونيو/حزيران)، ويهدف إلى ترسيخ مفهوم التوازن في الفكر والممارسة الإسلامية،
وتحويل فقه الميزان من إطار نظري إلى منهج عملي يواكب تحديات العصر، ويعالج
أزمات الأمة.
فقه الميزان ضرورة شرعية وحضارية
في كلمته الافتتاحية، أكد رئيس الاتحاد العالمي
لعلماء المسلمين الشيخ الأستاذ الدكتور علي محيي الدين القره داغي، أن هذا
المؤتمر يأتي تتويجًا لجهود علمية وتأصيلية طويلة، تهدف إلى ترسيخ فقه الميزان
كـمنهج حياة شامل، يربط بين النظرية والتطبيق في مختلف المجالات.
وشدد فضيلته على أن الخلل في الموازين الشرعية، سواء في
فهم الشريعة أو في الواقع العملي، أدى إلى الانقسام والتخلف الحضاري، محذرًا من
اختزال الدين في أداء الشعائر الشكلية دون ربطها بالبناء والعمران والعمل الصالح.
وأكد أن الوحدة والنهضة والتقدم لا تتحقق إلا بالعودة
إلى الإسلام الصحيح وتطبيق الموازين الشرعية السليمة في الفكر والسلوك.
فقه الميزان استجابة لتحولات العصر
وفي كلمة مسجلة، شدد نائب رئيس الاتحاد الشيخ محمد
الحسن الددو الشنقيطي، على أهمية تطبيق عملي لنظرية الميزان، بما ينسجم مع
التطورات المتسارعة في الواقع المعاصر، معتبرًا أن هذا الفقه يمثل أداة فاعلة
لإعادة تنظيم الفكر والحياة على أسس شرعية متوازنة.
فهم النصوص يحتاج إلى توازن منهجي
كما أكد نائب رئيس الاتحاد، ونائب رئيس مؤسسة أمناء
الأقصى، الأستاذ الدكتور عصام البشير، أن فقه الميزان يُعَد من أهم
الأدوات المنهجية لفهم النصوص الجزئية ضمن رؤية شمولية متكاملة، ويُحصّن المجتهد
من الانحراف الفكري والمنهجي، داعيًا إلى تبني مناهج جديدة في معالجة قضايا
الأمة، يأتي فقه الميزان في مقدمتها.
غياب التوازن سبب التراجع الحضاري
من جهته، أكد الأمين العام المساعد للاتحاد الأستاذ عبد
الوهاب إكينجي، أن الواقع الإسلامي يعاني من غياب التوازن في الفكر والعمل،
مشددًا على أن هذا الخلل كان أحد أسباب التردي الحضاري، وأن المؤتمر يسعى إلى سد
فراغ فقهي كبير في هذا المجال الحيوي.
أزمة الأمة أزمة منهج
وفي كلمته، أوضح رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الدكتور
عبد المجيد عكروت، أن المؤتمر يمثل محاولة علمية جادة لإحياء فقه الميزان،
معتبرًا أن التوازن هو السبيل إلى الفهم السليم والنهضة المجتمعية، التي لا تقوم
إلا على علم راسخ وبصيرة شاملة.
نحو نظرية معاصرة في التعامل مع الأحكام
أما رئيس اللجنة العلمية للمؤتمر الأستاذ الدكتور
محمد الجمال، فقد أشار إلى أن المؤتمر يقدم رؤية فقهية متجددة للتعامل مع
الأحكام الشرعية، من خلال مقاربة متكاملة تجمع بين العمق التأصيلي والاستجابة
لواقع متغير، مؤكدًا أن المؤتمر يمثل نقلة نوعية في الاجتهاد المعاصر.
محاور المؤتمر: التوازن في الفكر والتطبيق
يتناول المؤتمر، في جلساته العلمية، خمسة محاور رئيسية،
تشمل:
* فقه
الميزان في التراث الإسلامي وأصوله النظرية،
* أسباب
اختلال الموازين في العصر الحديث،
* أثر
الميزان في الخطاب الدعوي والفكري،
* تطبيقات
فقه الميزان في الفقه السياسي والاجتماعي،
* نماذج
معاصرة لإحياء هذا الفقه في معالجة التحديات.
ويأمل المنظمون أن يسهم المؤتمر في إعادة بناء الوعي
الشرعي على أساس من التوازن والوسطية، وتقديم إجابات عملية لتحديات العصر،
انطلاقًا من روح الإسلام ومقاصده العليا.
(المصدر: الاتحاد)