مصر ورمزية الزمان والمكان بين عام الرمادة، ومعبر رفح
بقلم: د. محمد دمان ذبيح
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
الحمد
لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين ثم أما بعد
إنها كلمات متواضعة، وبلغة الرسالة والنداء إلى
الشعب المصري العظيم، وهذا من قلب ذاب كمدا بسبب ما يحدث لإخواننا في غزة
من تجويع ممنهج بغرض القضاء عليه، حتى لا يبقي له جسد يتحرك به، أو روح يتنفس بها.
يا شعب مصر العظيم! إنني أوجه إليكم هذه الرسالة لثقتي الكبيرة بأنكم في
مستوى سامق من الحب للإسلام، ومن الغيرة على هذه الأمة التي أثقلتها الجراح، والمآسي
بشكل تعجز الحروف، والكلمات عن وصفها، أو تصويرها بدقة وتفصيل.
يا شعب مصر العظيم! إن غزة تموت جوعا، والنبي صلى الله عليه وسلم قد بشر عند
وفاته بأن "أهل مصر سيكونون عدة وأعوانا في سبيل الله ".
يا
شعب مصر العظيم! وبحكم الجوار، وهذا
فضلا عن أخوة الدين والإنسانية فإن الله تعالى يقول: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ
وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾ [التوبة: 71]، ويقول
النبي صلى الله
عليه وسلم: " ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع إلى جنبه".
يا شعب مصر العظيم! إن التاريخ الإسلامي لم ولن ينسى أبدا ما قامت به مصر
"عام الرمادة" - في خلافة الفاروق رضي الله عنه – عندما جاع
المسلمون، وأصابهم القحط حتى أكل الأخضر واليابس، فجاد المصريون كما يجود الرجال
الصادقون، وبذلوا كل ما يملكون من أجل إخوانهم في عاصمة الإسلام، بعد أن كتب عمرو
بن العاص للفاروق رضي الله عنهما هذه العبارة التي تهتز لها السماوات والأرضون: [لا
جرم! والله لأرسلن لك قافلة من الطعام أولها عندك في المدينة وآخرها عندي في مصر].
وهكذا هي مصر ستبقى دائما الأنموذج في العطاء
الذي ليس له ثمن، وفي الشهامة التي نادرا ما تجد لها مثيلا، قال
النبي صلى الله عليه وسلم: " إنَّما
النَّاسُ كالإِبِلِ المِائَةِ، لا تَكادُ تَجِدُ فيها راحِلَةً".
يا شعب مصر العظيم! الله الله في "معبر رفح"، فإنه معبر
إلى البطون الجائعة، وبالتالي معبر إلى رضوان الله تعالى، وجنة عرضها السموات
والأرض.
يا شعب مصر العظيم! إن الأمة اليوم تنتظر منكم الكثير من أجل أن يفتح معبر
رفح، فإنه مسؤولية عظمى أمام المولى عز وجل الذي قال: ﴿وَقِفُوهُمْ
ۖ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ﴾ [الصافات: 24]، وإنه أمانة كبرى أمام هذه
الأمة التي قال نبيها صلى الله عليه وسلم: "لا إيمانَ لِمَن لا أمانةَ له،
ولا دِينَ لِمن لا عهدَ له ".
يا
شعب مصر العظيم! أسألكم بالله تعالى،
وبأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن تكونوا سببا في فتح معبر رفح، وأن تجتهدوا في ذلك
كما اجتهدتم عام الرمادة، فإن السيل قد يلغ الزبى، وإن القلوب قد بلغت الحناجر،
وأنتم أهل لهذه المسؤولية، وهذا الارتباط التاريخي، بل أقول أهل لهذا الشرف، وهذا الوسام،
وهو أمر ليس جديدا عليكم، لأنكم من طينة كلها رجولة، وشهامة، ومروءة، فلذلك أمتنا
اليوم تنظر إليكم، وهي تقرأ هذه الآية القرآنية: ﴿اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُم مَّا
سَأَلْتُمْ﴾ [البقرة: 61].
اللهم إني قد بلغت، اللهم فاشهد...اللهم إني قد بلغت،
اللهم فاشهد...اللهم إني قد بلغت، اللهم فاشهد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* ملحوظة: جميع المقالات المنشورة
تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.