شوال طحين مغموس
برائحة الموت
بقلم: د. منذر
عبد الكريم القضاة
الحمدُ لله وحده، والصلاة
والسلام على من لا نبي بعده، وبعد
في ظلِّ الأزمة الإنسانيَّة
التي تعصف بغزَّة، والقتل وحرب الجوع يبرز دور الشباب في إنقاذ عائلاتهم من
براثن الجوع والموت.
في غَزَّة، حيث تتلاشى
الحدود بين الحياة والموت في اليوم والليلة، وتتراقص أشباح المجاعة على أنقاض
البيوت، تبرز قصص إنسانيَّة تُضيء عتمة اليأس، وتؤكد أنَّ روح الصمود لا تزال
نابضة في قلوب أبنائها.
يظهر على مواقع التواصل
الاجتماعي فيديو مؤثر لشابٍ صغير يحمل كيس طحين على ظهره، بعد رحلة بحث مرهقة عن
الطعام في مراكز الموت لتوزيع المساعدات الغذائية.
هي قصة شاب صغير، لم
يتجاوز ربيع العمر، لكنه حمل على عاتقه مسؤولية عائلة بأكملها، ليصبح بطلاً في
زمنٍ عزَّ فيه الأبطال. هذه ليست مجرد حكاية، بل هي صرخة مدوية في وجه الظلم،
وشهادة على عظمة التضحية التي يقدمها أهل غزَّة كل يوم.
بمجرد وصوله إلى الخيمة
يدخل مبتسماً أنه عاد وما زال على قيد الحياة، يركض إخوته الصغار لاستقباله بفرحة
كبيرة، يقبلونه ويضمونه بحرارة، وكأنَّه عاد من رحلة طويلة من الموت إلى الحياة.
ثم يذهب إلى أمِّه التي تنظر إلى ابنها، ثمَّ تحتضنه وتقبله بحنان الأم التي لم ترى
ابنها منذ زمن طويل. بعد
أن نجى الله هذا الشاب من الموت المحتوم
هذا المشهد يعكس التحديات
اليوميَّة التي يواجهها سُكان غزَّة، خاصة في ظل الحصار الإسرائيلي المطبق
والمتزامن مع حرب الإبادة الجماعية المستمرة. وفقًا لتقارير الأمم المتحدة، فإنَّ
شمال غزة يموت جوعًا، حيث يعاني السكان من الإعياء الشديد بسبب شُحِّ الغذاء
والماء الملوث.
في أرض غزة، حيث تتساقط الأجساد كأوراق الخريف، وتنتصب
صورة الموت بكل أشكاله، برزت قصة هذا الشاب الصغير، الذي يُجسد بكل ما يملك روح
المقاومة والإباء. هذا الشاب، الذي يُعتبر واحداً من أبناء الشعب الفلسطيني البطل،
حمل على ظهره كيس طحين، وهو يعود إلى خيمته في غَزَّة، حيث تنتظره أمّه وإخوته
الصغار بلهفة المشتاق.
هذا العمل البطولي الذي
قام به هذا الشاب، يُظهر مدى التضحية والإباء التي يمتلكها أبناء الشعب الفلسطيني،
الذين يُجبرون على العيش في ظروف قاسية ومؤلمة، بسبب الحصار والعدوان المستمر على
غزة. هذا الشاب، الذي نجى من الموت خلال رحلة البحث عن طعام في مراكز توزيع
المساعدات، وفي ظل هذه الظروف القاسية، يُظهر صورة إيجابية ومشرفة عن الشعب
الفلسطيني، الذي يُعتبر واحداً من الشعوب الأكثر مقاومة وتضحية في العالم. هذا
العمل البطولي يُعتبر رسالة إلى العالم أجمع، أنَّ الشعب الفلسطيني لا يزال على
قيد الحياة، وسيظل يقاوم ويُقاوم حتى تحقيق حقوقه وحرية وطنه.
وآخر دعوانا أن الحمد لله
رب العالمين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* ملحوظة: جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها
ولا تعبر بالضرورة عن رأي الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
* د. منذر عبد الكريم
القضاة؛ عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين. عضو رابطة علماء الأردن.