البحث

التفاصيل

غزة.. موت بطيء تحت أنياب التجويع

الرابط المختصر :

غزة.. موت بطيء تحت أنياب التجويع

بقلم: د. محمد وثيق الندوي

عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

 

غزةُ المثخنةُ بالجروح تعاني من مجاعة غير مسبوقة، ينفذها الاحتلال الصهيوني، عبر وسائله السياسية والعسكرية والإعلامية، فلا يسمح الاحتلال بدخول أي نوع من المساعدات، وهي مقدمة من جهات مختلفة ومؤسسات إنسانية، إلى غزة الجريحة، فتواجه مأساة بشرية، حيث يُقتل الأبرياء، وتُباد العائلات، ويُحاصر الملايين بلا دواء ولا غذاء، تحت وابل من القصف والتجويع والحصار،،

إنها إبادة جماعية تُرتكب أمام أعين العالم، ومأساة إنسانية لا نظير لها، يئنّ لها الحجر، والمدر، فكيف بسامعي القرآن وعباد الرحمن، كما يصرح الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في نداءاته المتكررة الموجهة إلى الأمة والضمير الإنساني،،

وقد فرض الاحتلال حصارًا ظالمًا -بريًّا وجويًّا و بحريًا-يصفه الناشطون في غزة بـ"غير قانوني وغير أخلاقي وغير إنساني"،،

وقد أحدث هذا الحصار الظالم آثارًا كارثية على مختلف قطاعات الحياة في غزة، وأدى إلى انهيار شبه تام في البنى التحتية والحاجيات الأساسية من الماء والغذاء والدواء.

وقد انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي فيديوهات للمرضى والجوعى وهم تحوَّلوا إلى هياكل عظمية، يندى لها جبين الإنسانية حياء، وتتفطر القلوب كمدًا،،

وإن ممارسات التجويع تجري منذ أكتوبر عام 2023م، ولكن في الشهور الأخيرة شدد الاحتلال الصهيوني الحصار، وأغلق سائر المعابر والطرق لوصول المساعدات إلى غزة، أغلق الجو والبحر، وقطع الكهرباء والمياه، وأما المساعدات التي تصل إليها فلا تغني ولا تسمن من جوع، كما لا تجد النداءات التي تدعو إلى شجب سياسة التجويع الممنهجة وكسر القيود التي يمارسها الاحتلال في غزة، وسط صمت عربي ودولي، لا يقل ألمًا من لسعات الجوع، لا تجد آذانا صاغية، وقلوبا واعية، وأيادي قوية، قالت "تلغراف" البريطانية التي تدافع دومًا عن السردية الإسرائيلية: "جسد غزة يضعف يومًا بعد يوم.. أطفال في غزة يتضورون جوعًا حتى الموت"،

وقد عبرت "الغارديان" عن مأساة التجويع الممنهج في غزة بـ" الناس في غزة جثث تسير"،

وكتبت "تايمز" البريطانية أن الناس في غزة يواجهون "مجاعة جماعية"،

ونشرت "إندبندنت" أن "الأطفال الرضع الذين كانوا مجرد جلد وعظام ماتوا لأن أمهاتهم كنّ جائعات للغاية ولم يستطعن إدرار الحليب لإطعامهم، وحتى الأشخاص الذين يحاولون الحصول على الطعام من أماكن الإغاثة يعرضون حياتهم للخطر".

فإن الأزمة البشرية في غزة ليست مجرد صراع طارئ، بل هي اختبار حقيقي للضمير الإنساني، والأخوة الإسلامية، والنخوة العربية، ومعدن العرب، وكل دقيقة تمر دون معالجة، تزيد المأساة البشرية في غزة،

كما قال مفوض الأونروا فيليب لازاريني: "الإنسانية في غزة تمر بأحلك ساعاتها"، ولكن الضمير الإنساني كأنه قد مات، ومما يبعث على الاستغراب أن الشعب الفلسطيني يموت جوعًا، والحكومات العربية والإسلامية تلازم الصمت الرهيب حيال ما يجري في غزة من إبادة ممنهجة، وتجويع إجرامي،

فأين النخوة العربية التي نادتها عجوز فثارت وأنقذت؟،

وأين الأخوة الإسلامية التي حررت القدس؟،

وأين الوحدة والشجاعة والقيادة الإسلامية التي قهرت الصليبيين، وانتصرت في معارك عين جالوت، ونهاوند، والقادسية، واليرموك، والزلاقة، وحطين، وملاذ كرد، ووادي لكة، والدونونية، وبلاط الشهداء، انتصارًا غير مجرى التاريخ؟.

فإن الأوضاع المأسوية في غزة، تتطلب إيجاد الأخوة الإسلامية والتضامن الإسلامي، ليكون صوت المسلمين أعز وأقوى،

وإن تغييرًا بسيطًا في موقف الدول العربية والإسلامية وشجاعة قليلة في مواقفها، وعدم تردُّدها في التعبير عن شعورها الأخوي إزاء غزة الجريحة، سيكون له تأثير كبير في تحفيف معاناة أهل غزة، وكسر القيود، وفتح المعابر والطرق، وإنقاذ الذين يموتون جوعًا في غزة، ولا يمكن ذلك إلا بالتضامن الإسلامي.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* ملحوظة: جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.


: الأوسمة


المرفقات

السابق
تصاعد خطير للإسلاموفوبيا في بريطانيا: استطلاع يكشف أرقامًا صادمة عن كراهية المسلمين؟

مواضيع مرتبطة

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع