الزواج بين تعاليم الرحمن وفتنة الشيطان
بقلم: بن سالم باهشام
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
روى الإمام أحمد، ومسلم، والبيهقي، عَنْ جَابِرٍ رضي
الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ إِبْلِيسَ
يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ، فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ
مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أَحَدُهُمْ، فَيَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا
وَكَذَا، فَيَقُولُ: مَا صَنَعْتَ شَيْئًا، قَالَ: ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ، فَيَقُولُ:
مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، قَالَ:
فَيُدْنِيهِ مِنْهُ، وَيَقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ)، [أخرجه أحمد (3/314، رقم
14417)، ومسلم (4/2167، رقم 2813)، والبيهقي في شعب الإيمان (6/415، رقم 8721)]،
فهذا الحديث النبوي الشريف، يطلعنا فيه النبي صلى الله عليه وسلم، – الذي لا ينطق
عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، على أمور غيبية، لا ندركها بحواسنا، – ليكشف لنا
مكر ومكائد الشيطان وجنوده ببني آدم، وأنهم لنا بالمرصاد، حتى نكون منهم حذرين،
وبالله مستعيذين ومعتصمين، وبتعاليمه السمحة ملتزمين، وبأدعية الرسول صلى الله
عليه وسلم وسنته محصنين، فإبليس لعنه الله واضع سرير ملكه على الماء، وفي رواية
على البحر، يعني مركز سلطته وغلبته، فهو كالملك الذي له عرش يجلس عليه، والماء هنا
رمز لمكان يتمركز فيه، ويبث الشر من خلاله في الأرض، فيبعث جنوده من الشياطين
الذين ينشرون الفتن والفساد بين الناس، ومن جملة تمرده وطغيانه، وضعه عرشَه على
الماء، بمعنى أن الله تعالى جعله قادراً عليه استدراجاً، ليغتر بأن له عرشاً كعرش
الرحمن، ويغر بعض السالكين الجاهلين بالله أنه الرحمن، وقيل: عبر عن استيلائه على
إغوائه الخلق وتسلطه على إضلالهم بهذه العبارة.
إن الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو الرحيم بأمته، قد
نبهنا من خلال هذا الحديث النبوي الشريف، على أعظم فتنة يفتن بها الشيطان الإنسان،
هي التفريق بين الزوج وزوجته، لأنها خراب الأسرة، وأساس التفكك الاجتماعي، وكلما
استطاع كل شيطان أن يفرق بين الزوجين، زاد قدره عند إبليس اللعين، لأنه بذلك يحقق
أكبر ضرر للمجتمع والدين، ويقطع روابط الرحمة والمودة التي خلقها الله تعالى.
فلنُعدّ لذلك العدة اللازمة، ولنحتط كل الاحتياط، لنكون
من عباد الرحمن، حتى لا نقع في فتنة الشيطان وجنوده، فإنه لا سلطان له على عباد
الله، مصداقا لقوله تعالى في سورة الحجر: (قَالَ
رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ
وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ*إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ*قَالَ
هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ*إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ
سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ)، [الحجر: 39 –
42]، ومصداقا لقوله تعالى في سورة ص: (قَالَ
فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ*إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ
الْمُخْلَصِينَ)، [سورة ص: 82، 83]، وليكن إعدادنا للعدة في الحياة
الزوجية، بدءا من المبادرة بالزواج الشرعي، الذي يدرأ عن صاحبه الفساد، لأن
الشيطان يكرهه، ويثبط الإنسان عنه، لما فيه من خير للفرد وللمجتمع، والرفض للزواج
هو ناتج عن وساوس وشكوك من عمل الشيطان الذي يسعى للخراب، فالواجب هو الاعتماد على
الله، وإزالة الوساوس، والتيسير بالزواج ممن ترضى دينه وخلقه في اختيار الزوجة أو
الزوج في الزواج، إذ يُفضل أن يكون “ذو دين” ، و”ذات دين”، لأن الدين هو الأساس
الذي يضمن الاستقرار والبركة للعلاقة الزوجية، كما روى البخاري ومسلم، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (تُنْكَحُ
اَلْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِجَمَالِهَا،
وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ اَلدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ)، [رواه البخاري
( 5090 )، ومسلم ( 1466 )]، أي أن الأفضل هو اختيار الزوجة ذات الدين لما فيه من
خير وبركة وحفظ للعلاقة، أما بالنسبة للزوج، فقد روى الترمذي، وابن ماجه، عن أبي
هريرة رضي الله عنه، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إذا خَطَبَ إليكم من
تَرْضَوْنَ دينه وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إلا تفعلوا تكنْ فتنةٌ في الأرضِ وفسادٌ
عريضٌ)، [أخرجه الترمذي (3/394، رقم 1084)، وابن ماجه (1/632، رقم 1967)]،
ويظهر أن اختيار الزوج لا يقتصر على الدين فقط، بل يشمل الأخلاق الحسنة أيضًا،
وذلك لأن الخلق الحسن هو شرط مهم لاستمرار الحياة الزوجية، وتيسير العلاقات
الإنسانية بشكل سليم، وهذا الموقف الشرعي، يؤكد على أن الزواج علاج ودواء ضد وساوس
الشيطان، وتمكين للإنسان في الحياة، فلا يجوز الاستسلام لمكره أو تنفير النفس منه.
وحتى لا يفسد عليكم الشيطان شعيرة الزواج بارتكاب
المحرمات في الأعراس، علينا أن نعلم، أن الشرع يحرم ويذم كل ما في الأعراس من بذخ،
وإسراف، وغناء محرم، وفسق، وعري، ويحث المسلمين على أن يجعلوا أعراسهم وسيلة إلى
البركة والسرور الحلال، مستندين إلى قوانين الإسلام التي تحفظ المجتمع والأخلاق
والأسرة.
إن الزواج في الإسلام، ميثاق شرعي مقدس، قال تعالى في سورة النساء: (وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا) [النساء: 21]، وبالزواج
تتحقق مقاصد الشريعة في بناء الأسرة والمجتمع، وهو من أعمدة الإيمان التي تبرز
العلاقة الاجتماعية والروحية بين الزوجين، وهو ليس مجرد عقد أو علاقة اجتماعية، بل
هو حق وواجب تكاملي؛ يضمن العفة وحفظ النفس من الفتور، والشهوات غير المشروعة،
وهذا من رحمة الله بالعباد، إذ يجعل الزواج سبيلًا للطهارة والعفاف والحياء في
إطار شرعي، ويحفظ النسل والعِرض، وتحصين الفرج، وذلك بإشباع الغريزة الجنسية
بطريقة مشروعة وطاهرة، تحمي الإنسان من الوقوع في الحرام والفساد، كما أمر النبي
صلى الله عليه وسلم الشباب بالزواج لمن استطاع، لأنه (أَغَضُّ لِلْبَصَرِ
وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ) [رواه البخاري (5/1950، رقم 4778)، ومسلم في صحيحه
ج2/ص1019 ح1400]،
وبالزواج يتم إقامة حياة طيبة قائمة على
المودة والرحمة، والسكينة بين الزوجين، قال تعالى في سورة الروم: (وَمِنْ
آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا
إِلَيْهَا، وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً، إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ
لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الروم: 21]، فالله جعل بين الزوجين محبة
ورحمة تلبي حاجات النفس والروح، وهو بذلك يعلي من قيمة العلاقة الزوجية، ويجعلها
مصدر راحة وسعادة، ويدعم التعاون والتكامل بين الزوجين، فكل منهما يكمل الآخر،
ويساند في الحياة، سواء في تدبير المنزل أو الكسب، مما يخلق بيئة مستقرة ومتناغمة،
كما أن بالزواج يتم الشعور بالمسؤولية وتحمل الواجبات الأسرية، لأنه يدرب الإنسان
على الصبر والمحبة والرعاية والتضحية، وكلها فضائل تربوية وأخلاقية عالية، وبه يتم
استمرار الحياة البشرية عبر التناسل الشرعي، وتشجيع البركة في النسل وزيادة الأمة،
روى الإمام أحمد، عَنْ أَنَسٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: (كَانَ رَسُولُ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُنَا بِالْبَاءَةِ وَيَنْهَانَا عَنِ
التَّبَتُّلِ نَهْيًا شَدِيدًا وَيَقُولُ: تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ،
فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الأَنْبِيَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)، [رواه أحمد بن
حنبل في مسنده ج3/ص158 ح12634]، وبهذا يولد من الزواج الشرعي، الأبناء الصالحون
الذين يشكلون امتدادًا للراحلين، ويستمرون في بناء المجتمع وزيادة الأمة وبناء
الأسرة، وبالزواج يتم حماية النظام والتواصل الاجتماعي، من خلال تحديد النسب
والأواصر الأسرية، وتتعزز العلاقات الطيبة، والتراحم بين الأفراد والمجتمع، ويعزز
الاستقرار الاجتماعي، فالزواج وسيلة للحفاظ على الأخلاق والقيم بالحد من الفواحش،
وهو أمان للمجتمع من تفشي الزنا والانحرافات التي تؤدي إلى الفقر والذل والأمراض،
وبالزواج يتم بناء أسرة متماسكة أساسها التقوى والعدل. وقد جاء ذكر الزواج في
القرآن الكريم في آيات عديدة، وأحاديث نبوية كثيرة، للتأكيد على أنه عبادة مشروعة،
ذات أهداف روحية واجتماعية ونفسية واقتصادية مهمة، وهو أساس لبناء الأسرة الصالحة
التي تحمي الفرد والمجتمع في الدنيا والآخرة.
ما دام الزواج يحقق كل هذه الأهداف النبيلة، مما ذكرنا،
ومما لم نذكر، ويحتل هذه المنزلة الروحية والاجتماعية والشرعية، فهو شعبة من شعب
الإيمان السبع والسبعين، واستحق أن يحتل الرتبة السابعة من شعب الإيمان، حيث تعتبر
هذه الشعب مجموعة من الأعمال والمواقف التي تُعبّر عن إيمان المسلم العملي في
حياته اليومية، والزواج هو مظهر مهم من مظاهر هذا الإيمان، لأنه يعكس القوام
الاجتماعي والديني للإنسان، إضافة إلى ذلك، الزواج حق واجب على الفرد المسلم إذا
توفرت أسباب الاستطاعة، لما فيه من قوى لحفظ النفس والعفة وضبط العلاقات بين
الجنسين، وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم، النكاح بأنه سنة الإسلام، لما فيه من
أهمية اجتماعية، ولحماية المجتمع من الفساد. وهذه الشعبة السابعة لا تتحقق إلا في
ظل صحبة وجماعة ملتزمة، تشكل الإطار الذي يُحاط فيه المؤمنون بالتربية، والتعليم،
والتطبيق، وتحفزهم على التزكية الدائمة والإحسان في المعاملة. والعلاقة بين الشعبة
السابعة وخصلة الصحبة والجماعة من الخصال العشر؛ علاقة وثيقة ومتكاملة، إذ تعتبر
الصحبة والجماعة من الشروط الأساسية في التربية الإسلامية، التي ترسخ قيم الشعبة
السابعة من شعب الإيمان، مثل الإحسان والرحمة والسلوك الحسن، والشعبة السابعة تأتي
في إطار تربوي شامل، يمكّن الإنسان من تحصيل خصال الإيمان والعمل الصالح، ولا يمكن
تحقيق ذلك بمعزل عن الصحبة الصالحة، والجماعة المنظمة، التي تدعم المربين
والمؤمنين بالذكر والمودة والمناصحة، فالجماعة هي فضاء عملي لتكوين الإيمان
والإحسان، وهي البيئة التي يُمارس فيها المؤمنون التآزر في السلوك والتقوى
والإصلاح الذاتي والجماعي، والصحبة الصالحة، والجماعة المباركة، ضرورة لتنمية
القلب والتربية الدينية، لما فيها من مجالسة العلماء الربانيين والواصلين، وتبادل
الأفكار والتربية الروحية، وهو ما يجعل خصال الشعب في الإيمان، كالشعبة السابعة،
تنضج وتترسخ، إذ أن التربية بدون جماعة، تكون ناقصة ومعرضة للانحراف، كما أن
الجماعة ليست مجرد تجمع شكلي، بل هي بناء تنظيمي وروحي متماسك، يعمل على نشر
الدعوة الإسلامية الصحيحة، وتحقيق مقاصد الإسلام في العدل والإحسان، وهذا التنسيق
والتنظيم من خلال الجماعة، هو الذي يجعل الشعب والأخلاق الموصوفة في الشعبة
السابعة، قابلة للتطبيق في حياة المؤمنين.
إن الزواج في الإسلام، مؤسسة قائمة على الضوابط الشرعية الدقيقة، لا تتحقق إلا
باستيفاء شروطه والانضباط بحقوقه. والالتزام بذلك؛ ليضمن حياة ناجحة ومستقرة،
ويحقق مقاصد الشريعة في حفظ الدين والعرض والنسل والمجتمع، فهو رابطة مقدسة،
وميثاق غليظ نص عليه القرآن الكريم، وجعل له شروطًا وأحكامًا تحفظ حقوق الزوجين،
وتحقق الأمان الأسري والاجتماعي، والزواج بمفهومه الإسلامي، هو عقد شرعي يربط بين
رجل وامرأة لتحقيق العفة، وتكوين الأسرة، ويتميز بخصائص الديمومة، والمشروعية،
والمودة، والرحمة، وتحقيق الاستقرار الاجتماعي، لهذا لابد فيه من الإيجاب والقبول،
إعلانا لرغبة الزوجين، وتبادل صيغة العقد بحضور مجلس العقد، والتراضي التام دون
إكراه، وذلك برضا الطرفين، ووجود ولي المرأة العاقلة المسلمة البالغة، للصغيرات
والقاصرات خاصة، وحضـور شاهدي عدل لإثبات العقد، وانتفاء الموانع، بألا تكون
الزوجة محرمة على الرجل بنسب أو رضاع أو سبب مؤقت، كما أنه لابد من المهر، وهو حق
للمرأة شرعًا، كما أنه لابد من مراعاة الكفاءة بين الزوجين، دينياً وأخلاقياً
واجتماعياً، وإن اختلفت المذاهب، بالإضافة إلى الإشهار، إذ يُعد إشهار الزواج
وسيلة مهمة لحفظ الحقوق، والشفافية الاجتماعية، وإن لم يكن شرط صحة، ويجوز للمرأة
أن تشترط ما تشاء من الشروط المشروعة حماية لحقوقها.
إن لكل من الزوجين في هذه المؤسسة
الأسرية، حقوق وواجبات، فمن
الحقوق المتبادلة بين الزوجين في الإسلام، المعاشرة بالمعروف، وذلك بحسن التعامل
بين الزوجين، والاحترام المتبادل، والتعاون، وإسعاد كل طرف للآخر، وحق الاستمتاع
المشروع، إذ لكل من الزوجين أن يستمتع بالآخر ضمن الحدود الشرعية، وثبوت النسب
والتوارث، بحيث تثبت الحقوق النسبية والإرثية بمجرد العقد والدخول.
أما حقوق الزوجة، فأولها المهر، وهو حق مالي ثابت بمجرد العقد، بالإضافة
إلى النفقة، إذ يتحمل الزوج الإنفاق على الزوجة بما يكفيها شرعاً، ويوفر لها
المسكن المناسب، ويحوطها بالحماية والمعاملة الكريمة، وذلك بعدم الاعتداء الجسدي
أو النفسي، والتعامل برفق وإحسان، ويحقق لها الاستقلال المالي، وهو حقها في التصرف
في مالها وذمتها المستقلة دون مضايقة، بالإضافة إلى شرط القوامة، وهي قيادة الزوج للأسرة في إطار
الرعاية والحكمة لا الاستبداد، مصداقا لقوله تعالى في سورة النساء: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ
اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ،
فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ)
[النساء: 34].
أما حقوق الزوج، فتتمثل في طاعة الزوجة لزوجها في غير معصية، وذلك
بالتزام الزوجة بالطاعة في المعروف، والقرار في البيت، وذلك بعدم خروج الزوجة إلا
بإذن الزوج أو في حالات الضرورة، روى الطيالسي، والبيهقي، وابن عساكر، عَنِ ابْنِ
عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: أَتَتِ امْرَأَةٌ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ،
مَا حَقُّ الزَّوْجِ عَلَى امْرَأَتِهِ؟ قَالَ: (حق
الزوج على زوجته لَا تَمْنَعُهُ نَفْسَهَا، وَلَوْ كَانَتْ عَلَى ظَهْرِ قَتَبٍ،
وأن لا تصوم يومًا واحدًا إلا بإذنه إلا الفريضة، فإن فعلت أثمت ولم يتقبل منها،
وأن لا تعطي من بيته شيئًا إلا بإذنه، فإن فعلت كان له الأجر وكان عليها الوزر،
وأن لا تخرج من بيته إلا بإذنه، فإن فعلت لعنتها ملائكة الله، ملائكة الغضب
وملائكة الرحمة، حتى تتوب أو ترجع) [أخرجه الطيالسي (ص 263، رقم 1951)، والبيهقي
(7/292، رقم 14490)، وابن عساكر (27/398)]. ومن حقوق الزوج، حفظ أسراره، وذلك بصون
العرض والأمانة، ومن حقوقه كذلك، حق النسب، وذلك بإثبات نسب الأولاد للزوج.
إن الزواج في الإسلام، قائم على التوازن والعدالة في
العلاقة الزوجية، إذ العلاقة الزوجية، قائمة على العدل والإحسان، فكل من الزوجين،
له حقوق وعليه واجبات، دون تعسف أو إجحاف، والقوامة مفهوم شرعي يرتبط بالمسؤولية
لا التفوق، والحافظية للمرأة تعبير عن دورها التربوي والاجتماعي.
أما الآثار الاجتماعية للزواج الشرعي، فتتمثل في استقرار
الأسرة والمجتمع. وحفظ الحقوق والأنساب، وتقليل النزاعات الأسرية والقضائية عبر
معرفة كل طرف لحقوقه وواجباته، وبهذا يكون الزواج صورة عملية متكاملة لإيمان
المسلم والمسلمة، تشمل الحقوق، والواجبات، والروحانية، والاجتماع، والتكافل بشروط
وآداب ترفع الإنسان وتشرف علاقته بالله وبالناس.
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد، كلما ذكره
الذاكرون، وغفل عن ذكره الغافلون إلى يوم الدين، والحمد لله الذي بنعمته تتم
الصالحات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* ملحوظة: جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها
ولا تعبر بالضرورة عن رأي الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.