البحث

التفاصيل

الجهاد واجب الأمة

الرابط المختصر :

بسم الله الرحمن الرحيم،

وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.

الجهاد واجب الأمة

بقلم: بن سالم باهشام

عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

 

شكر وتقدير

استجابة لدعوة التعاون والبناء على المشترك من خلال الحملة العالمية حول الثوابت الشرعية التي نادى إليها الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بإشراف لجنة الثوابت والفكر الإسلامي مشكورة على مجهوداتها الجبارة، وهي حملة استمدت مشروعيتها من واجب العلماء والمفكرين في صون مقدسات الأمة، وحماية كيانها، والدفاع عن حياضها، أشارك بهذه المداخلة المتواضعة والتي أسال الله تعالى أن يوفقني في تحقيق الأهداف المتوخاة منها، وأن ينفع بها الأمة جمعاء، والتي تدور حول محاور ستة وخاتمة:

1 - الجهاد من ثوابت الدين.

2 - مفاهيم يجب أن تصحح

3 - مجالات الجهاد الجماعي للأمة

4 - الجهاد في سياق الأمة المعاصرة

5 - الجهاد واجب الأمة: المعنى والمجالات

6 - مختصر توضيحي لأبواب الجهاد الإحدى عشر.

الخاتمة

 

1 - الجهاد من ثوابت الدين:

روى الديلمي، عن أنس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الجهاد ماض منذ بعثني الله إلى أن يقاتل آخر أمتي الدجال، لا يبطله جور جائر، ولا عدل عادل)، [أخرجه الديلمي (2/122، رقم 2639)]. ويشهد لقوله: (الجهاد ماض) أيضاً قوله - صلَّى الله عليه وسلم-: (لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق، لا يضرهم من ناوأهم حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال)، وقد شرع الجهاد في الإسلام من وقت نزول الوحي على الرسول صلى الله عليه وسلم، ولمكانته من الدين، يُعد الجهاد في سبيل الله من أعظم شعائر الإسلام، ومظهرًا من مظاهر القوة والكرامة للأمة الإسلامية، ورغم ما تمر به الأمة الإسلامية اليوم من تحديات، يبقى الجهاد واجبا قائمًا لا يسقط، والجهاد تختلف صوره، وتتنوع وسائله، لكنه يظل مسؤولية جماعية للأمة الإسلامية بكل مكوناتها.

2 - مفاهيم يجب أن تصحح

– الجهاد ليس هو فقط القتال بالسلاح: من المصطلحات القرآنية التي تفهم خطأ عند الكثير من الناس، مصطلح الجهاد، إذ يعتقد الكثير أن المقصود بالجهاد هو القتال بالسلاح فقط، في حين أن الجهاد يشمل كل مناحي الحياة.

– الجهاد لم يشرع في الفترة المدنية: وبناء على اعتقاد الجهاد هو القتال بالسلاح، نتج عنه مفهوما خاطئا كذلك، وهو أن الجهاد لم يشرع في الإسلام إلا بعد الهجرة النبوية، أي بعد تكوين الدولة الإسلامية، في حين أن الجهاد لغة جاء من الجُهد والمشقة، ومصدر "جاهد" أي بذل الوسع. وشرعا": الجهاد هو بذل الوسع لإعلاء كلمة الله، ويبدأ من جهاد النفس، ولا ينتهي إلا بتمكين الدين في الأرض"، من هنا يتبين أن الجهاد أعم مما يعتقد، وشرع منذ بداية الوحي.

 – الجهاد ليس إرهابا: يروج الغرب الكافر في إطار سنة التدافع، على أن الجهاد إرهاب، والحقيقة الواقعية، أن الجهاد ما شرع في الإسلام بكل أنواعه إلا لإزالة الإرهاب بكل أشكاله، ورفع الظلم، ونصرة المستضعفين، والدفاع عن الدين، وعن الأرض والمقدسات، وتحقيق السلام والأمن والأمان في الكرة الأرضية جمعاء، ويظهر ذلك جليا من خلال أبوابه الإحدى عشر والتي هي:

1- جهاد النفس،

2- وجهاد المال،

3- وجهاد التعليم،

4- وجهاد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،

5- وجهاد الكلمة والحجة،

6- وجهاد التعبئة والبناء،

7- والجهاد السياسي،

8- وجهاد التنفيذ،

9- وجهاد الكفر،

10- وجهاد النموذج الناجح،

11- وجهاد التوحيد.

فهذا إحدى عشر باباً للجهاد، يشكّل مجموع العمل الدعوي والنضالي في بناء جماعة قوية داخليا وخارجيا. وهذه الأبواب ليست عشوائية، لكن لها سياق تربوي وتاريخي ضمن رؤية شاملة للتغيير.

- الحركات الاسلامية وحمل السلاح: في ظل الأنظمة الحاكمة الظالمة القائمة في الدول العربية، لا يشرع حمل السلاح من قبل الحركات الإسلامية، ضد أنظمتها باسم الجهاد القتالي، ما لم يكن ضد الاحتلال العدواني للبلد، كما هو الشأن لحركة حماس ضد الكيان الصهيوني، أو الحركات الوطنية أيام الاستعمار الغربي.

3 - مجالات الجهاد الجماعي للأمة

ينبع مفهوم الجهاد من رؤية شمولية للتغيير، حيث يبدأ التغيير الذاتي، ويصل لاحقاً إلى تغيير المجتمع والنظام، والجهاد هو جهد جماعي، يتضمن العمل على بناء الأفراد والمؤسسات، والنضال في مختلف المجالات، و ضمن سياق الدعوة والنصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. والجهاد في الفقه الإسلامي ليس مقتصرًا على القتال فقط، بل يشمل مجالات متعددة، تتكامل في بناء قوة الأمة ونصرة الحق، ويمكن تقسيمها إلى ما يلي:

أولًا: الجهاد التربوي، أي جهاد النفس.

وأساس التغيير في الجهاد التربوي هو الإنسان، ويبدأ الجهاد التربوي عند الفرد من تخلية القلب من الشهوات، وملئه بحب الله والآخرة، والتربية الإيمانية هي "الشرط الأول للنصر".

ثانيًا: الجهاد السياسي والمدني

إذ يسعى الجهاد السياسي والمدني لتغيير "الواقع السياسي الجبري"، الذي يوصف بالاستبداد، والجهاد هنا يعني مقاومة الظلم، ورفض الطغيان، والمطالبة بالشورى والحكم العادل، وليست المشروعية في الجهاد السياسي والمدني في "الفتوحات الدموية"، والتي تعتبر شرعا عنفا ومحرما، بل في الدعوة والتدرج والحكمة.

ثالثًا: الجهاد العلمي والفكري

ويشمل الدعوة بالحكمة، وفضح الاستبداد، ونشر الوعي بين الناس. وفي هذا الجهاد العلمي والفكري، يجب إحياء العلوم الشرعية وربطها بالواقع.

رابعًا: الجهاد الاجتماعي والاقتصادي

لنصرة الضعفاء والمهمشين، ومقاومة الفساد والربا والاحتكار، وإقامة مشاريع بديلة تتمثل في "اقتصاد العدل".

خامسا: الجهاد القتالي

هنا يجب التمييز بين البلد الذي أصبح فيها الجهاد فرض عين لصد العدوان، نتيجة الاحتلال الذي طال ذلك البلد، كما هو الشأن في غزة، فحمل السلاح فيه واجب شرعي، وتواطؤ الأنظمة العربية المطبعة مع الأعداء لنزع السلاح من الحركة المجاهدة جريمة،  والجهاد الكفائي الذي يتطلب التدرج والحكمة، وقيام كل شريحة في المجتمع بواجبها من أنواع أبواب الجهاد الإحدى عشر، في ظل الأنظمة القائمة الجبرية قصد تحرير شعوبها، من الحكم الاستبدادي القائم، في هذه الحالة؛ هذا الجهاد القتالي يكون في آخر المراتب، ويربط بـتوفر الشروط من إمام، وأمة موحدة، واستعداد روحي ومادي، مع رفض العنف الفوضوي أو الحركات المسلحة المعزولة، وانتقاد الجماعات التي "تستعجل المواجهة دون إعداد"، والقتال لا يكون إلا حين تستكمل الأمة شرط القوة، ويكون تحت راية إمام مشروع، وإلا فهو فتنة لا جهاد.

4- الجهاد في سياق الأمة المعاصرة

قضية المسلمين التي يجب أن نعيها، أن هناك محظورات ثلاثة يمنعها الغرب على المسلمين:

أ– قيام وحدة من أي نوع، على أي مستوى في العالم العربي أو الإسلامي.

ب– منع قيام قوة ذات بأس في أرض الإسلام.

ج– قيام نظام إسلامي يحمي راية الإسلام تحت أي شعار، وبأي مستوى.

وفي إطار سنة التدافع، فإن الإسلام يربط الجهاد بقضايا الأمة الكبرى والتي تتجلى في تحرير فلسطين خصوصا، وتحرير الشعوب من الأنظمة الحاكمة الظالمة عموما، وإنهاء التبعية، وإحياء الحكم العادل. والجهاد الحقيقي اليوم: جهاد ضد الاستكبار العالمي المتمثل في الغزو الثقافي، والاقتصادي، جهاد ضد الاستبداد الداخلي، وجهاد بناء الإنسان والوعي الجماعي.

5 - الجهاد واجب الأمة: المعنى والمجالات

أ - معنى الجهاد واجب الأمة:

مفهوم "الجهاد واجب الأمة" لا يعني وجوب حمل السلاح على كل فرد، بل وجوب إسناد الجهاد بكل الأدوات الممكنة: علميًا، وماديًا، وإعلاميًا، وسياسيًا، وتربويًا. فالجهاد واجب الأمة جمعاء، وذلك بتعاون الأمة في الجهاد كلٌ بحسب موقعه: العلماء بالجهاد العلمي، والإعلاميون بجهاد الكلمة، والسياسيون بجهاد القرار، والعسكريون بجهاد السلاح.

ب - معنى: "الجهاد مسؤولية جماعية للأمة"

الجهاد ليس مسؤولية فردية فقط، بل هو واجب جماعي تقع مسؤوليته على جميع مكونات الأمة الإسلامية: الحاكم، والعالم، والمجاهد، والمفكر، والإعلامي، والمواطن العادي، كل بحسب موقعه وقدرته. قال الإمام الشاطبي رحمه الله في كتابه الموافقات: (المصالح العامة لا تتم إلا بتكافل الأمة وتعاونها، وكلٌّ مسؤول بقدره.)،[الموافقات، 2/182]. فحين يكون الجهاد فرض كفاية، فإنه يتطلب تضافر جهود الأمة في كل مجالاتها، أما حين يتحوّل الجهاد إلى فرض عين، كما هو الحال في الدفاع عن الأراضي المحتلة أو المقدسات، فإنه يشمل الجميع بقدر استطاعته، ولا يسقط عن أحد. قال الله تعالى في سورة التوبة: (انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [التوبة: 41]، وقال تعالى في سورة الحج: (وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ) [الحج: 78]، وقال تعالى في سورة الحجرات: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) [الحجرات: 15].

مختصر توضيحي لأبواب الجهاد الإحدى عشر.

1 - جهاد النفس.

  • تعريف: جهاد النفس يقصد به تهذيب النفس وتطهيرها وتزكيتها لتكون أهلاً للجهاد في سبيل الله.
  • الأداة: الذكر، والاقتداء، والنصيحة، والتوبة الدائمة.
  • القضية: بناء شخصية قوية داخليا للتضحية والنضال لاحقاً.

2 - الجهاد التربوي

  • تعريف: الجهاد التربوي يقصد به العمل على بناء الأجيال على أسس إسلامية قوية.
  • الأداة: التربية الأسرية، والمناهج التربوية في الجماعة المنظمة المجاهدة.
  • القضية: إيجاد جيل قيادي يحمل الدعوة ويضحي في سبيل الحق. تربية الأجيال على حب الجهاد، والكرامة، والدين. وبناء الوعي، والتعليم، وتقوية المجتمع اقتصاديًا، وصحيًا، ومؤسسيًا. قال الإمام مالك رحمه الله: (لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.)

3 - الجهاد الدعوي

  • تعريف: الجهاد بالعلم والدعوة، ويقصد به تبليغ الدعوة والنصيحة في المجتمع. ونشر العقيدة الصحيحة، وتعليم المسلمين أحكام دينهم، والرد على الشبهات.
  • الأداة: الخطب، والدروس، والأحاديث، والحوار مع الأفراد والنخب. والعلماء والمفكرون والدعاة، هم خط الدفاع الأول في هذا الميدان.، قال تعالى في سورة الفرقان: (وجاهدهم به جهادًا كبيرًا) [الفرقان: 52]، أي بالقرآن والدعوة، وروى أبو داود في سننه، أن النبي ﷺ قال: (فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب) [رواه أبو داود].
  • القضية: تغيير الاقتناع السائد، والنمط الثقافي المادي في المجتمع.

4 - الجهاد الثقافي

  • تعريف: الجهاد الثقافي ويقصد به بناء خطاب إسلامي بديل في الساحة الثقافية والنخبوية.
  • الأداة: إنتاج كتب ومقالات وأعمال فنية للتعريف بالإسلام ومشروع التغيير.
  • القضية: إيجاد رأي عام يساند التغيير ويؤمن بقضية العدل والحق.

4         - الجهاد التضامني الاجتماعي

•          تعريف: الجهاد التضامني الاجتماعي، ويقصد به، الوقوف مع الفقراء والضعفاء والنضال ضد التهميش.

•          الأداة: الجمعيات الخيرية والنضال ضمن الأطر النقابية.

•          القضية: تجسيد التضامن في المجتمع، وتوفير الدعم المادي والمعنوي للمحرومين.

5         - الجهاد الاقتصادي والمالي

•          تعريف: الجهاد الاقتصادي والمالي، ويقصد به بناء قدرات اقتصادية للجماعة للتوفير الذاتي والاعتماد على النفس. والإنفاق في سبيل الله، ودعم المجاهدين، المحتاجين، والمرابطين في الثغور. والمال سلاح أساسي في نصر الدين. قال الله تعالى في سورة التوبة: (انفروا خفافًا وثقالًا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم) [التوبة: 41]. قال ابن قدامة في كتابه المغني: (المال أداة الجهاد وعموده، وبدونه لا قيام له)، [المغني، 10/352]

•          الأداة: مشاريع صغيرة، وتعاونيات، وصناديق دعم داخلي.

•          القضية: فك التبعية والنهوض الذاتي ضمن رؤية جماعية للتنمية.

7 - الجهاد السياسي

  • تعريف: الجهاد السياسي، ويقصد به العمل على تغيير الأوضاع والنظام القائم عبر العمل السلمي والنضال المدني.
  • الأداة: المشاركة في الانتخابات شريطة أن تكون نزيهة، والتظاهرات السلمية، والعمل ضمن الجمعيات والنقابات.
  • القضية: بناء نموذج إسلامي بديل ضمن سياق قانوني ومجتمعي.

8      - الجهاد الإعلامي

  • تعريف: الجهاد الإعلامي والفكري، ويقصد به، استخدام وسائل الإعلام للتعريف بالدعوة والنضال وكشف الحقيقة.
  • الأداة: الصحافة المكتوبة، والقنوات البديلة على الإنترنت، والأشرطة الصوتية والمرئية. لمواجهة الحرب الناعمة، وتزييف الوعي، والتشويش على ثوابت الأمة.

ويشمل إنتاج المحتوى، والدفاع عن القيم، وفضح مخططات الأعداء. روى البخاري أن النبي ﷺ قال لحسان بن ثابت رضي الله عنه: (اهجُهم، وروح القدس يؤيدك) [رواه البخاري]. وهذا يدل على شرعية جهاد الكلمة، وخاصة في أزمنة اختلاط الحق بالباطل.

  • القضية: إيجاد رأي عام مدرك ويقظ للتغيرات التي يشهدها المجتمع.

9 - الجهاد الحقوقي والقضائي

  • تعريف: الجهاد الحقوقي والقضائي، ويقصد به، الدفاع قانونياً على المعتدى على حقوقهم، والنضال ضمن الأطر القضائية.
  • الأداة: محامون، ومدافعون قانونيون، والجمعيات الحقوقية.
  • القضية: إظهار الظلم، ومتابعة القضايا قانونياً، والنضال ضمن القوانين المعمول بها.

10 - الجهاد الدبلوماسي والخارجي

  • تعريف: الجهاد الدبلوماسي والخارجي، ويقصد به، بناء علاقات خارجية للتعريف بأهداف الدعوة والنضال داخليا. وعبر اتخاذ المواقف السيادية لدعم قضايا الأمة، ومواجهة التطبيع، والدفاع عن قضايا فلسطين والقدس.
  • الأداة: التواصل مع جماعات إسلامية أخرى، وشخصيات رسمية، ومنظمات دولية.
  • القضية: ويشمل الضغط السياسي الدولي عبر المنظمات، والتحالفات، ورفض الظلم والاحتلال، للتغيير والنصرة للمظلومين داخليا، قال ابن القيم في الطرق الحكمية: (الدولة العادلة التي تنصر الحق، أولى عند الله من الدولة القوية الظالمة.) [الطرق الحكمية].

11 - الجهاد القتالي (العسكري) (عند الاقتضاء)

  • تعريف: الجهاد القتالي (عند الاقتضاء)، ويقصد به، الدفاع عن الدين والنفوس والأرض في حال العدوان. وهو أعلى صور الجهاد عندما تتهيأ شروطه وضوابطه الشرعية.
  • الشروط: ضمن القوانين الشرعية للجهاد والنضال، بعد استنفاد الأبواب السلمية. إذ يشترط أن يكون تحت راية شرعية وتخطيط منظم، وليس فوضى مسلحة، قال الإمام النووي في روضة الطالبين: (الجهاد بالسلاح مشروع إذا وُجد الإمام أو القائد الشرعي وأُمِّن الضرر على الأمة) [روضة الطالبين، 10/12]
  • القضية: حماية جماعة المؤمنين ومقدسات الدين، وصد العدوان، وتحرير الأرض، وحماية المسلمين من الظلم والطغيان.

الخاتمة

الحديث عن الجهاد لا يقتصر على فلسطين وتحرير الأراضي المقدسة، وإنما هو مشروع لبناء الإنسان، وبناء الأمة، في مواجهة النفس والشيطان والمنافقين والكفار، جهاد النفس: بالمجاهدة على الطاعة وترك المعصية، وجهاد الشيطان: بدفع وساوسه، وجهاد المنافقين: بالكلمة والبيان، وجهاد الكفار: بالسلاح عند القدرة، أو بالكلمة عند العجز، ولا يبدأ الجهاد بالمعركة، بل يبدأ بالصحوة الإيمانية، والتربية، والوعي، وينتهي بالتمكين السياسي العادل. الجهاد هو جهاد "الأنفاس قبل السيوف"، وجهاد "القلب قبل المعركة"، الجهاد مشروع إصلاحي سلمي، يُمهّد لحكم عادل على خطة نبوية لاحبة وواضحة.

الجهاد ليس فعلاً عدوانيًا كما يُصوَّر، بل هو مشروع رباني لحفظ الكرامة، ونصرة الضعفاء، ودفع الظلم. وهو واجب جماعي؛ على الأمة أن تنهض به بجميع الوسائل، تحت مظلة الشرع وضوابطه. لهذا لابد من تقديم تصور شامل لأبواب الجهاد، يكون من أسس المشروع التربوي والسياسي والتغييري.

وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد كلما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون إلى يوم الدين، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* أ. د. محمد دمان ذبيح؛ جامعة محمد العربي بن مهيدي أم البواقي -الجزائر-. عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.


: الأوسمة


المرفقات

التالي
أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- وإقرار مبدأ العدل والمساواة بين الناس (2)
السابق
فوز تاريخي للمرشح المسلم زهران ممداني في الانتخابات التمهيدية لرئاسة بلدية نيويورك

مواضيع مرتبطة

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع