من جبال مكة إلى صدر التاريخ.. أسماء بنت أبي بكر
بقلم: د. بيان فخري عبدالله
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
في زوايا الهجرة وأسطرها الكبرى، نقف مع صاحب الهجرة
رسول الله ﷺ وابنة صاحبه أسماء بتأملات كبيرة تمنح قارئها عبرًا وحكمًا..
فلم يكتفِ الصديق وصاحب الهجرة بأجر صحبة النبي الكريم ﷺ وشرف
حمايته، بل زاد عليه بتكليف ابنته أسماء بنت أبي بكر بمهمة توفير الدعم اللوجستي،
بإيصال المعلومات وأخبار أهل مكة مع الطعام والماء للنبي المطارد وصاحبه الصديق.
وهي مهمة أمنية في غاية التعقيد، تكبّدت أسماء في سبيل تحقيقها
العناء والمشقة، وهي في أشهر حملها، تجتاز جبال مكة شديدة الوعورة، ليكون لها سهمٌ
مؤثّر ودورٌ فارق في المراحل الأولى لبناء وتأسيس دولة الإسلام الوليدة في المدينة.
في هذه اللحظة التاريخية من الهجرة، لم تحتج الصحابية أسماء بنت
أبي بكر رضي الله عنها إلى برامج ومشاريع لتمكينها من النهوض بمسؤولياتها، ولم
تتلقَّ تمويلاً ودعماً ماليًا يحرك فيها الإخلاص لإتقان العمل وإنجازه، لم تمتلك
أسماء حينها إلا صدق النية، وعمق الإيمان، وقوة الإرادة، وحماسة العمل لخدمة دين
الله، بدافع العقيدة الراسخة لبناء مستقبل أمة والنهوض بحالها، فتضحي بحاجتها
للراحة لحماية جنينها، وتقدّم في سبيل ذلك جهدها الواهن، وقدراتها الكامنة، خلف
أمل بالله وتحدٍ تصنع به لوليدها حياة كريمة، يهنأ بها في ظل عدالة شرع الله، الذي
كان محاربًا من القريب قبل العدو في تلك اللحظة التاريخية من عمر الأمة.
أسماء بنت أبي بكر،
وصويحبات رسول الله ﷺ، النساء الأوائل اللاتي سطّرن نماذج مذهلة للمرأة المسلمة،
عندما تمتلك الإيمان واليقين بربها، والوعي بقضيتها، وإدراك دورها الحقيقي في خدمة
دينها، فتُطلق حماستها للعمل والاجتهاد والإتقان، للمساهمة في بناء أمتها والتمكين
لدين الله فيها.
تشبّهوا بالكرام إن لم تكونوا مثلهم..
فإن التشبّه بالكرام فلاح
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* ملحوظة: جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر
بالضرورة عن رأي الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
* د. بيان فخري عبدالله؛ عضو الاتحاد العالمي
لعلماء المسلمين. نائب في البرلمان الأردني. نائب رئيس لجنة المرأة وشؤون الأسرة
النيابية.