تصاعد الإسلاموفوبيا في فرنسا: النساء المحجبات
يواجهن عنفًا وتمييزًا متزايدًا في الأماكن العامة
نشر موقع "ميديا بارت" الفرنسي تقريرًا
يرصد تصاعد الاعتداءات اللفظية والجسدية التي تتعرض لها النساء المسلمات
المحجبات في فرنسا، في ظل أجواء قمعية متزايدة وخطاب سياسي يشرعن
التمييز ويغذّي الكراهية.
وسلّط التقرير الذي كتبته الصحفية "ماري
توركان" الضوء على تجربة أسماء، شابة فرنسية تبلغ من العمر 25 عامًا، كانت
تسير في الشارع تحت حجابها وتضع سماعات الأذن، عندما سمعت صوتًا مرتفعًا يوجه
إليها كلامًا مهينًا. اكتشفت أن المتحدثة كانت معلمة اللغة الفرنسية السابقة في
مدرستها الإعدادية، وكانت تصرخ قائلة: "انزعيه، لا أريد أن أرى ذلك في
الشارع، هذه فرنسا وليست إيران".
ورغم أن أسماء لم تردّ على الإهانة، فإن المعلمة لاحقتها
وواجهتها مباشرة وأطلقت شتائم معادية للإسلام، قبل أن يتدخل بعض المارة – من أصول
أوروبية وشمال أفريقية – لوقف الاعتداء.
أسماء، التي ترتدي الحجاب منذ 5 أو 6 سنوات، قررت تقديم
شكوى بتهمة "الاعتداء بدوافع عنصرية على أساس ديني حقيقي أو متصور"،
لكنها فضّلت عدم إبلاغ والديها حفاظًا على مشاعرهما. وقالت بأسى: "حقيقة أنها
كانت معلمتي السابقة تؤلمني أكثر... أود أن أعرف كيف أصبحت هكذا"، مؤكدة
شعورها المتزايد بأن هناك "أجواء قمعية" تزداد في فرنسا تجاه
المسلمات.
خطاب رسمي يغذّي الكراهية
المحامي "رفيق شكات"، الموكّل بالدفاع عن
أسماء، أشار إلى أن مثل هذا الاعتداء أصبح "شائعًا في الشوارع"، وأن
كثيرًا من الضحايا لا يقدمون شكاوى.
ولفت إلى حوادث مشابهة مؤخرًا، منها نزع حجاب امرأة في
نانتير من قبل رجل مجهول، وأخرى أُمرت بخلع حجابها من قبل امرأة ثملة.
وأوضح شكات أن هذا التصعيد يرتبط بتحول بدأ مطلع العقد
الثالث من القرن الحالي، مع صدور "قانون الانفصالية"، الذي ساهم في
شيطنة النساء المحجبات، وتحويلهن إلى "أهداف مشروعة"، على حد وصفه.
كما أشار إلى الخطاب الذي تبناه الرئيس الفرنسي إيمانويل
ماكرون، حين دعا إلى "اندفاعة جمهورية" مستخدمًا لغة حربية تتحدث عن
"استعادة السيطرة"، ما أعطى – بحسب التقرير – شعورًا عامًا بين الناس
بأن من واجبهم المدني مواجهة المحجبات باعتبارهن لا ينسجمن مع القيم الجمهورية.
المحجبات في صدارة المستهدفين
وخلال النصف الأول من عام 2025، وثق "ميديا
بارت" نحو 100 حادثة معادية للإسلام في فرنسا، بينما أحصت وزارة
الداخلية 145 واقعة في الأشهر الخمسة الماضية بناءً على شكاوى رسمية، وقد كشفت
البيانات أن النساء المحجبات يتصدرن قائمة ضحايا هذه الاعتداءات.
وفي تقرير صدر في مارس/آذار 2025، أكدت منظمة
"لالاب" النسوية المناهضة للعنصرية، نقلاً عن "الجماعة المناهضة
للإسلاموفوبيا في أوروبا"، أن 81.5% من حوادث الإسلاموفوبيا تطال
النساء، مسلطة الضوء على ما سمته "العقاب المزدوج" للنساء المسلمات
اللاتي يواجهن كراهية الإسلام والتمييز الجنسي معًا.
واعتبرت المنظمة أن "تجريد المسلمات من إنسانيتهن،
كأنهن لسن نساءً مثل غيرهن، متأصل في الوعي الجمعي الفرنسي"، واصفة ذلك بأنه
"معتقد ثقافي يرى ضرورة تحريرهن من دينهن".
من الحجاب إلى حظر الرياضة
وواصل التقرير عرض أمثلة أخرى على التمييز الممنهج، مثل
محاولة بعض أعضاء مجلس الشيوخ والحكومة مؤخرًا منع المحجبات من المشاركة في
المسابقات الرياضية، رغم غياب أي دلائل على علاقة الحجاب بالتطرف.
كما روى التقرير حادثة أليسيا، التي رفضت إحدى صالات
الألعاب الرياضية في مرسيليا استقبالها في ديسمبر/كانون الأول 2024 بسبب ارتدائها
الحجاب. وعندما اشتكت من التمييز، أُبلغت بأن ذلك جزء من "سياسة
الغرفة"، رغم أن القانون الفرنسي يحرّم مثل هذا التمييز على أساس ديني أو
عرقي.
وفي حادثة أخرى، رفض مطعم بالقرب من مدينة مونبلييه دخول
مجموعة من النساء المحجبات رغم وجود حجز مسبق، ما دفعهن إلى توثيق الحادثة ونشرها
على مواقع التواصل الاجتماعي. وقد بررت إدارة المطعم لاحقًا ما حدث بأنه "سوء
فهم"، واعتذرت عن أي إساءة نتجت عنه.
(المصدر: ميديا بارت – ترجمة وتحرير)