البحث

التفاصيل

تفكيك منظومات الاستبداد (٥٧): نداء إلى أمة محمد ﷺ.. خذوا على أيدي حكامكم

الرابط المختصر :

تفكيك منظومات الاستبداد (٥٧): نداء إلى أمة محمد ﷺ.. خذوا على أيدي حكامكم

بقلم: د. جاسر عودة

عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

 

نشرت (مقالة رأي) في هذه السلسلة على هذه الصفحة، في اليوم السابع والعشرين من شهر أكتوبر ٢٠٢٣م -أي بعد عشرين يومًا من بدء الحرب على غزة-، كان عنوانها: (إما اعتدلت وإما اعتزلت - دعوة لإحياء الربيع)، وكتبت فيها أقول: (في مثل موقف الحرب التي يراد بها الإبادة الجماعية لمئات الألوف من الناس -وهو ديدن لا يتخلف عن الحروب الصليبية كما قلنا في المقالة السابقة- تأتي لحظة إثبات أحقية القيادة.. المعادلة الشرعية ليست هي "التغلب" على الشعوب المستضعفة بالسلاح لكي يحكمها حكامها حكم كسرى وقيصر.. شرعية الحكام -وسلطاتهم وامتيازاتهم وعدم الخروج عليهم- منوطة بإثبات أنهم حريون بهذه المكانة ويقومون بأبسط واجباتها، وإلا عزلتهم الأمة أو أهل الحل والعقد فيها من العلماء الشرفاء وأصحاب الرأي وأصحاب الدين والشأن والخبرة والنسب، حسب السياقات المختلفة للدول المختلفة. هذا هو مقتضى فقه السياسة الشرعية، وهذا ما ننادي به اليوم).

ثم نشرت (مقالة رأي) بعد نحو عام من المقالة الأولى، في اليوم الثامن من شهر أكتوبر ٢٠٢٤م، كان عنوانها: دعوة مجددة إلى إحياء الربيع العربي، كتبت فيها أقول: (ما زالت الدعوة إلى إحياء الربيع العربي هي في تقديري الدعوة الوحيدة التي يمكن أن تعكس المسار الكارثي التي تتجه إليه أمتنا. إذا لم تقف الشعوب العربية -والمسلمة بشكل عام- وقفة جادة مع حكامها، تحاسبهم على مسؤوليتهم في وقف هذه المهزلة التي تتعرض لها أمة الإسلام -خاصة في دول الطوق المحيطة بفلسطين-، فلْينتظروا أن تحكمهم (إسرائيل الكبرى) قريبًا، وأن تطّرد سنن الله تعالى في استبدال جيل الهزيمة من الفاسقين بجيل النصر من المؤمنين، ولكن بعد أربعين سنة من التيه).

واليوم بعد واحد وعشرين شهرًا من الحرب، وأربعة أشهر من التجويع لأهل غزة العزة، وخطاب أكرم الناس على الله وأولَى الناس بالإسلام في عصرنا هذا، أهل الرباط في فلسطين، على لسان أبي عبيدة، بتحميل أولياء أمور المسلمين -وأهل العلم منهم- دماء أطفالهم ونسائهم وشيوخهم وشبابهم في رقابهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله، لا يسع المرء إلا أن ينادي بما يمليه عليه ضميره الحر، ويؤدي إليه التفكير المنطقي، وتؤول إليه معطيات الأحداث، ويدل عليه التاريخ المظلم للمعتدين وطريقتهم في احتلال الأرض وإبادة أهلها -وما إبادة سكان الأمريكتين الأصليين، ولا من عارض احتلالهم في أفريقيا، ولا مذابح الأندلس ببعيد-، والنداء هو:

يا أمة محمد ﷺ.. الأمم التي لا تقاوم الغزاة تباد عن بكرة أبيها، والتاريخ القريب للإمبراطورية العنصرية التي تغزو الأمة اليوم خير شاهد. وإذا لم يكن في (أولياء أمور) أمتنا من يقوى على المعارضة ولو للإبقاء على هامش محدود من الحياة والكرامة الإنسانية -كما كنا خلال العقود الماضية-، فلابد من الأخذ على أيديهم وخلعهم إذا وقفوا في صف الأعداء، كما يقف معظمهم اليوم عمليًا، لا يخفى ذلك على عاقل. وهذا لا يعني فوضى عمياء ولا ثورة عشواء، وإنما يعني الضغط على الشرفاء -وهم أقلية نادرة، ولكنهم حتمًا موجودون- في نظم وحكومات وجيوش المسلمين من أجل النهوض والأخذ بزمام المبادرة، ومحاولة إنقاذ مليونَي إنسان في غزة العزة، بل وإنقاذ العالم العربي -والإسلامي من ورائه بطبيعة الحال- من نفق مظلم من الاحتلال وانتزاع الإسلام -الحقيقي الأصيل أعني- من دين وثقافات وتشريعات وتعليم وإعلام شعوبه. إذا لم تقف جيوش الأمة وقفة جادة اليوم فنحن مقبلون على هدم المسجد الأقصى بالتزامن مع مقتلة مليونية لأهل فلسطين، ثم مقتلة هائلة لكل من أراد أن يبقى على الإسلام -الحقيقي الأصيل أعني- في بلاد العرب، ثم في بلاد الإسلام. ليس هناك منطق سليم يقود إلى توقع غير هذه التوقعات الكارثية، إلا أن يشاء ربي شيئًا، وسع ربي كل شيء علمًا.

يا أمة محمد ﷺ. يا شباب الإسلام خاصة. خذوا على أيدي حكامكم في كل أنواع وأشكال الحكومات، الأقرب فالأقرب، لعل بعض الشرفاء من آل الطواغيت -الذين يكتمون إيمانهم- ينهضون فيمسكوا زمام الأمور ويعكسوا التيار الجامح لتلك الكوارث الثقيلة المقبلة على أمتنا. 

استجيبوا لدعوات (العصيان المدني)، ولا تتراجعوا عنها إلى أن يقضي الله أمرًا كان مفعولًا.  

اللهم هذه حجتنا. اللهم فاشهد.

 

ــــــــــ

* ملحوظة: جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.


: الأوسمة


المرفقات

التالي
الصِّدق الذي نُؤاخذ عليه
السابق
زيارة للمقبرة

مواضيع مرتبطة

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع