البحث

التفاصيل

الاستقرار الأسري أساس كل استقرار

الرابط المختصر :

بسم الله الرحمن الرحيم،

وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.

الاستقرار الأسري أساس كل استقرار

بقلم: بن سالم باهشام

عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

 

في إطار الحرب المعلنة بين الشيطان وجنوده من جهة، وبني آدم من جهة أخرى، وسعي الشياطين الجاد لتحريف البشرية، وبالتالي إفساد الكرة الأرضية، عن طريق تخريب الأسرة التي هي الخلية الأولى للمجتمع، واللبنة الأولى للبنيان البشري، روى الإمام أحمد، ومسلم، والبيهقي، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ، ثُم يبعث سَرَايَاهُ، فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أَحَدُهُمْ، فَيَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: مَا صَنَعْتَ شَيْئًا، قَالَ: ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ، فَيَقُولُ: مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، قَالَ: فَيُدْنِيهِ مِنْهُ، وَيَقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ)[1]، لهذا لا استقرار في المجال السياسي إلا باستقرار الأسرة، ولا استقرار في الاقتصاد إلا باستقرار الأسرة، ولا استقرار في التعليم إلا باستقرار الأسرة، ولا استقرار في الدعوة إلا باستقرار الأسرة، ولا استقرار في الصحة إلا باستقرار الأسرة، ولا استقرار في أي ميدان من الميادين إلا باستقرار الأسرة،  لهذا فإن الاستقرار الأسري يقوم على عدة مبادئ أساسية تشمل:

1 - الأسرة لبنة أساسية في بناء المجتمع:

حيث إن الأسرة هي:

أ - المحضن والمسكن الأول لكل فرد.

ب - وهي التي تضمن السكينة والمودة والرحمة بين أعضائها، والتي تبدأ بين الزوجين، لتصل إلى الأبناء، قال تعالى في سورة الروم: ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)[2].

ج - وبها يتحقق العمران الأخوي، والتضامن، والتعاون، والكرامة، والعدالة الاجتماعية.

2 - الدعاء والتوكل على الله المفتاح الأول للاستقرار الأسري: حيث يدعو كل من الزوجين إلى أن يكونا وذرّيتهما قرة عين، ليحظيا بالمودة والرحمة، داعيان إلى استحضار الإيمان كأساس لتربية الأبناء وتحقيق الاستقرار، بعد الاتصاف بصفات عبد الرحمن الإحدى عشرة السابقة للدعاء، قال تعالى في أواخر سورة الفرقان: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا)[3].

3 - دور المرأة المحوري في المحافظة على الفطرة وحفظ حدود الله: فتربية الأبناء على حب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم تبدأ بها، وهي مفتاح التربية، وسر التغيير داخل الأسرة التي هي بيت الزوجية وحصنه، وبوابة الاستقرار، قال تعالى في سورة النساء: (فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ )[4].

4 - المودة والرحمة كأساس للعلاقة الزوجية: فالعلاقة التي تقر بهما العين وتطيب النفس، تثمر استقرارًا وأمانًا نفسياً، في حين أن العنف والقسوة تؤدي إلى التفكك وضياع الأبناء. روى مسلم في صحيحه، عَنْ عَائِشَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهَا، زَوْجِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ( يَا عَائِشَةُ؛ إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لاَ يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ، وَمَا لاَ يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ)[5].

5 - الحوار والثقة من اللبنات الضرورية: فالتواصل الصحيح عبر الحوار، وتوطيد الثقة بين الزوجين، يمنع تفاقم الخلافات التي قد تهدد استقرار الأسرة، كما أن الغيرة باعتدال مطلوبة، لكن الغيرة المرَضية مدمرة.

6 - ربط الأسرة بالغايات الإيمانية والشرعية: وذلك بربط استقرار الأسرة بكونها مؤسسة عبرها يتحقق عبادة الله، وتحقيق مقاصد الاستخلاف، وأمانة الإعمار في الأرض، مع وجود وظيفة دعوية، تجعل البيت قلعة للتغيير المنشود.

7 - تحمل المسؤولية من قبل الزوجين: حيث إن الزواج والإنجاب وتحمل مسؤولية البيت هما أساس الاستقرار الاجتماعي والعائلي.

الخلاصة:

 الاستقرار الأسري متعدد الأبعاد، يتأسس على الإيمان بالله، والدعاء، والتربية الإيمانية، ودور المرأة في الحضانة والتربية، والمودة والرحمة، والحوار والثقة، وتحمل المسؤولية المشتركة بين الزوجين. هذه القيم والمبادئ تشكل الأساس لتحقيق الأسرة التي هي نواة المجتمع ورصيده في البناء والرقي.

 

وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد، كلما ذكره الذاكرون، وغفل عن ذكره الغافلون إلى يوم الدين، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.



[1]  - [أخرجه أحمد (3/314، رقم 14417)، ومسلم (4/2167، رقم 2813)، والبيهقي في شعب الإيمان (6/415، رقم 8721)].

[2]  - [الروم: 21]

[3]  - [الفرقان: 74]

[4]  - [النساء: 34].

[5]  -  رواه مسلم في صحيحه ج4/ص2004 ح2593

 


: الأوسمة


المرفقات

التالي
شاب مكفوف يحول فقدان بصره إلى نور لآلاف المكفوفين في بنغلاديش والهند
السابق
الصفات القيادية في شخصية عماد الدين زنكي

مواضيع مرتبطة

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع