صور توثق مذبحة
أكثر من 600 من الروهينجا على يد جيش أراكان وسط تعتيم وصمت دولي
في واحدة
من أبشع المجازر الصامتة التي تتعرض لها الأقلية المسلمة في ميانمار، تداول
ناشطون من الروهينجا ومنظمات حقوقية صورًا مروّعة توثق مذبحة جماعية
ارتكبها "جيش أراكان" الانفصالي، راح ضحيتها أكثر من 600 من مسلمي
الروهينجا، في قرية "تان شوك خان" التابعة لمدينة بوثيدونغ بولاية
أراكان، غرب البلاد، يوم 2 مايو 2024، وفق ما كشفه المجلس الوطني
لروهينجا أراكان (ARNC).
الصور
التي ظهرت مؤخرًا جاءت لتؤكد أن ما يجري في أراكان ليس خيالًا ولا إشاعة، بل
حقيقة دامية تحدث في ظل تكتم شديد وانقطاع متعمد لشبكات الاتصال، مما حرم
وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية من الوصول إلى حجم المأساة ونقلها إلى العالم،
وترك الروهينجا يواجهون الموت في صمت مطبق، بعيدًا عن أنظار البشرية.
وبحسب
المجلس الوطني للروهينجا، فإن من بين الضحايا نساء وأطفالًا ومسنّين وذوي إعاقات
ونساء حوامل، وقد عُثر على هياكل عظمية بشرية، وبقايا ملابس نسائية
ورجالية، إضافة إلى عظام صغيرة يُعتقد أنها تعود لأطفال.
وذكر
"ني سان لوين"، نائب رئيس المجلس، أن الصور التُقطت في مارس، لكن لم
يتمكن أحد من نشرها إلا بعد فرار بعض الناجين إلى بنغلادش. كما رجّح أن عدد القتلى
الحقيقي قد يتجاوز 700 أو 800 شخص، موضحًا أن بعض العائلات أُبيدت بالكامل.
وفي
شهادات مؤلمة أدلى بها ناجون، أُكد أن جيش أراكان أجبر السكان على مغادرة القرية،
ومن بقي اتُّهم زورًا بالتعاون مع جيش ميانمار وقُتل بوحشية.
وروى أحد
السكان أن أكثر من 10 من أفراد عائلته قُتلوا، ولم ينجُ منهم سوى
قريب كان في قرية مجاورة وقت ارتكاب الجريمة.
وتشير
تحقيقات ميدانية إلى أن بعض الجثث أُحرقت باستخدام وقود في محاولة لإخفاء آثار
المجزرة، لكن الصور نجت من الطمس، وقد رجّح طبيب اطّلع عليها أن بعض الضحايا كانوا
أطفالًا، بناء على وضعية الجماجم في الصور.
من جهته،
قال "إيجاز مين خنت" من منظمة "فورتيفاي رايتس" إن لديهم
شهادات موثقة من ناجين، وقائمة بأسماء أكثر من 100 ضحية، مشيرًا إلى أن ما
حدث هو جريمة حرب ممنهجة تستوجب تحقيقًا دوليًا عاجلًا.
وأكد
المجلس الوطني للروهينجا أنه يواصل جمع الأدلة لتقديم المسؤولين إلى العدالة
الدولية، ويطالب المجتمع الدولي بـإحالة القضية إلى المحكمة الجنائية الدولية.
ويعيش
الروهينجا تحت حكم جيش أراكان في ظل انتهاكات واسعة ومنهجية، تشمل إغلاق منازلهم
والاستيلاء عليها، ومصادرة ممتلكاتهم، وتشريد عائلاتهم، وفرض قيود مشددة على
تحركاتهم داخل القرى عبر نقاط تفتيش أمنية.
وقد أطلق
"جيش أراكان" حملته العسكرية في نوفمبر 2023 ضد جيش ميانمار، واستطاع
السيطرة على 14 من أصل 17 مدينة في ولاية أراكان، فيما دفع الروهينجا ثمن هذا
الصراع بين الطرفين، فوقعوا ضحايا العنف والتهجير والاضطهاد من كلا الجانبين، بعد
أن سبق وتعرضوا لحملة إبادة جماعية عام 2017 على يد جيش ميانمار دفعت قرابة مليون
لاجئ للفرار إلى بنغلادش.
(المصدر:
وكالة أنباء أراكان)